من منا يرضى بقضاء الله وقدره؟؟من منا إذا نزلت بساحته المنايا يصبر؟ من منا إذا
اصابته مصيبة قال: ( إنا لله وأنا إليه راجعون ) وقلبه عامر بما تعنيه الآية الكريمة؟
من منا تعرض لمصيبة وأثرت في نفسه وكان لها وقع سيء عليه ،فأصابته بالهموم
والغموم وبات العقل يفكر ويفكر حتى أصيب بمس أو أصيب بمرض نفسي؟؟إن
الرضا بقضاء الله وقدره كنز لا يفنى ، لا يتمتع به إلا الانسان المسلم المؤمن المتوكل
على الله سبحانه وتعالى في كل أمور دينه ودنياه ،خاصة أنه من الصفات الحميدة التي
تطهر القلوب وتغذي النفوس بحب الله سبحانه وتعالى..نعمة الرضا لا ينعم الله بها
إلا على عباده المؤمنين المتقين الذين يشكرون الله عزوجل في السراء والضراءوإذا
طالتهم مصيبة قالوا: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ).
القناعة هي الرضا: يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا
على تقسيمه بينهم بالتساوي ،وقبل ان يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد ، فأرسلوا
أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعاماً ،وتواصوا بالكتمان ، حتى لا يطمع فيه غيرهم ،
وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه ، وينفرد هو
بالكنز وحده ،فأشترى سماً ووضعه في الطعام ، وفي الوقت نفسه ، اتفق صاحباه
على قتله عند عودته ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط ، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم
قتله صاحباه ،ثم جلسا يأكلان الطعام ، فماتا من أثر السم..وهكذا تكون نهاية الطامعين
وعاقبة الطمع. القناعة هي الرضا بما قسم الله ،ولو كان قليلاً ،وعدم
التطلع إلى ما في أيدي الآخرين ، وهي علامة على صدق الإيمان .
فضل القناعة : الأنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس ،والقناعة تحقق للأنسان خيراً
عظيماً في الدنيا والآخرة ،ومن فضائل القناعة أنها سبب البركة فهي كنز لا ينفذ،
وقد اخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل الغنى ، فقال ليس الغنى عن
كثرة العرض ،ولكن الغنى غنى النفس ) متفق عليه . والانسان الطماع لا يشبع أبدا ،
ويلح في سؤال الناس ،ولا يشعر ببركة في الرزق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( لا تلحفوا-تلحوا-في المسألة ،فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني
شيئا ، وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته) رواه مسلم والنسائي وأحمد
القناعة طريق الجنة : بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لايسأل
الناس ثوابه الجنة ، فقال من يكفل لي أن لايسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة؟ ،
فقال ثوبان : أنا فكان لا يسأل أحداً شيئاً )رواه أبو داود والترمذي وأحمد
القناعة عزة للنفس : القناعة تجعل صاحبها حراً ، فلا يتسلط عليه الآخرون ، أما
الطمع فيجعل صاحبه عبداً للآخرين . وقد قال الامام علي- رضي الله عنه - :الطمع
رق مؤبد. أي ( عبودية دايمة)
القناعة سبيل للراحة النفسية : المسلم القانع يعيش في راحة وأمن واطمئنان دائم ، أما
الطمع فإنه يعيش مهموماً ولا يستقر على حال . وفي الحديث القدسي: ( يا ابن آدم
تفرغ لعبادتي أملا صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وغن لم تفعل ، ملأت صدرك شغلاً ولم
أسد فقرك ) رواه ابن ماجه .