الصدقة
أبو العبادلة
23 رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله البر الرحيم ، الودود الكريم ، القوي الحكيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله العليم الحليم ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى أله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد ،،،
هذا الدين يقوم على أسس متينة ، تحفظ لكل منتسب إليه حقوقه ، ويأمر بأداء الواجبات المتعلقة بكل أفراده ، ولا أدل على ذلك من حفظ حقوق الفقراء والمعوزين من أبناءه ، وأخبرهم بأنّ ما تحصلون عليه من صدقات هي حق مفروض فقال سبحانه : {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} ، وحتى يرفع عنهم الحرج أخبرهم أنهم يعطون من مال الله فقال جل شأنه مخاطباً الموسرين : {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} .
من جانب آخر حض الموسرين على البذل والعطاء وعد ذلك من صفات عباده المحسنين ، فقال سبحانه : {إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون ، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} ، ووعدهم جل شأنه بالعوض من عنده فقال سبحانه : {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} ، وعامل المنفق كالمتاجر معه ، فقال جل شأنه : {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} .
والصدقة من أحب الأعمال إلى الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً) ، وتدفع عن صاحبها المصائب والبلايا ، وتنجيه من الكروب والشدائد ، قال صلى الله عليه وسلم : (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) .
والصدقة تطفئ الخطايا، وتكفر الذنوب والسيئات ، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) ، وهي من أعظم أسباب بركة المال ، وزيادة الرزق ، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي : (يا ابن آدم! أَنفقْ أُنفقْ عليك) ، وهي وقاية من عذاب الله ، قال صلى الله عليه وسلم : (اتقوا النار ولو بشق تمرة) .
والمتصدقين من المجاهدين حقاً ؛ فجهاد النفس والشيطان عظيم ، والشيطان يوسوس للإنسان ليمنعه من البذل والعطاء ، وقد أخبرنا الله بذلك فقال : {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم} ، لكنّ المؤمنين المخلصين لا يلتفتون إلى ذلك ويعلمون أن من يبخل فإنما يحرم نفسه ويبخل عليها من الأجر والمثوبة ، قال تعالى : {ولا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم ، بل هو شرٌ لهم ، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير} .
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً من المنفقين في سبيله وألا يجعلنا من الأشحاء والبخلاء في طاعته ، إنه على كل شيء قدير ، وبالإجابة جدير ، نعم المولى ونعم النصير .
هذا ما جال بخاطري فإن كان من توفيق فمن الله وحده، وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه.
-------------------------
العمر يمر مر السحاب ونحن نسوف وقت المتاب ونرجو عفو رب الأرباب إنّ هذا لشيء عجاب.