معنى الصمد في سورة الاخلاص
الصمد:
اسم الله الصمد ورد مع اسمه الأحد في سورة الإخلاص فقط : ? قل هو الله أحد الله الصمد ? ، وقد ورد في السنة في عدة مواضع منها حديث أبي هريرة ( عند البخاري وقد تقدم ، وعنده أيضا من حديث أبي سعيد الخدري ( قال : ( قال النبي ? لأصحابه : أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن )
الصمد في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالصمدية ، فعله صمد يصمد صمدا وهو يأتي على عدة معان : منها السيد المطاع الذي لا يقضى دونه أمر ، ومنها الذي يطعم ولا يطعم ، ومنها الصمد السيد الذي ينتهي إليه السؤدد في كل شيء فله الصمدية المطلقة ، وقيل : الصمد الدائم الباقي بعد فناء خلقه ، وقيل : هو الذي يصمد إليه الأمر فلا يقضى دونه وليس فوقه أحد ، وقيل : الصمد الذي صمد إليه كل شيء أي الذي خلق الأشياء كلها لا يستغني عنه شيء ، وكلها تدل على وحدانية الله .
وقال البخاري : ( باب قوله الله الصمد ، والعرب تسمي أشرافها الصمد ، قال أبو وائل : هو السيد الذي انتهى سؤدده ) ، وقال ابن تيمية : ( والاسم الصمد فيه للسلف أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة وليست كذلك بل كلها صواب ، والمشهور منها قولان : أحدهما أن الصمد هو الذي لا جوف له ، والثاني أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ) .
وقال ابن الجوزي : ( وفي الصمد أربعة أقوال : أحدها أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج .. والثاني : أنه لا جوف له .. والثالث : أنه الدائم ، والرابع : الباقي بعد فناء الخلق ..وأصح الوجوه الأول لأن الاشتقاق يشهد له ، فإن أصل الصمد القصد يقال : اصمد فلان أي اقصد فلان ، فالصمد السيد الذي يصمد إليه في الأمور ويقصد في الحوائج ) .
وخلاصة المعاني في الصمدية أن الصمد هو السيد الذي له الكمال المطلق في كل شيء ، وهو المستغني عن كل شيء ، وكل من سواه مفتقر إليه يصمد إليه ويعتمد عليه ، وهو الكامل في جميع صفاته وأفعاله ، لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، وليس فوقه أحد في كماله ، وهو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وسائر أمورهم فالأمور أصمدت إليه وقيامها وبقاؤها عليه لا يقضي فيها غيره ، وهو المقصود إليه في الرغائب والمستغاث به عند المصائب الذي يطعم ولا يطعم ولم يلد ولم يولد .
الصمد :
اسم الله الصمد يدل على ذات الله وعلى صفة الصمدية بدلالة المطابقة ، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن ، وعلى الصفة وحدها بالتضمن ، ويدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسيادة والأحدية ، وكمال السمع والبصر والعلم ، ومطلق المشيئة وتدبير الأمر ، والقدرة والعزة ، والقوة والحكمة ، والكبرياء والعظمة ، وكمال العدل والحكم ، وغير ذلك من صفات الكمال ، واسم الله الصمد دل على صفة من صفات الذات .
ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق مقرونا باسم الله الأحد في غير موضع كحديث بريدة بن الحصيب ( الذي تقدم ، وهو دعاء مسألة لأنه أثنى على الله بذكر أسمائه في طلبه ودعائه ، وقد أقره النبي s ومدحه بذلك ، وعند النسائي وصححه الشيخ الألباني من حديث حنظلة بن علي ( أن محجن بن الأدرع حدثه : ( أن رسول الله s دخل المسجد إذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد ، فقال : اللهم إني أسألك يا ألله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم ، فقال رسول الله( ص ) : قد غفر له ثلاثا ) .
دعاء العبادة صدق المسلم في اعتماده على الصمد وحسن التوكل عليه ، فيعتمد على الله قبل الحركة والسكون ، ثم يأخذ بالأسباب حيث ما يكون ، ويرضى بما قسمه الله ليقينه أن تقسيم المقادير بيديه ، وأن المبتدأ منه والمنتهى إليه ، فلا حول له ولا قوة إلا بحول الله وقوته ، ولا وصول إلى مراده إلا بمشيئة الله وقدرته ، روى البخاري من حديث البراء بن عازب ( أن النبي s قال له : ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به ، قال فرددتها على النبي s ، فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت ورسولك ، قال : لا ، ونبيك الذي أرسلت ) (247).
وبخصوص التسمية بعبد الصمد فكثير من رواة الحديث تسمى به ، منهم عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر العتكي ، من أوساط الطبقة الحادية عشرة الآخذين عن تبع الأتباع ، وهو ثقة حافظ كما ذكر ابن حجر ، مات سنة مائتين وست وأربعين ، روى عنه الترمذي في سننن.